الخميس، 17 أبريل 2014

قصة العذراء مريم بنت عمران عليها السلام

مريم بنت عمران البتول العذراء هي أم النبي عيسي عليهما السلام 
وقصتها تنبع من معجزة عيسي الذي ولد منها من غير أب 
وكانت هي من اهل الورع والتقوي ولقد أثني عليها رسول الله كما أثني علي امرأة فرعون فقال :(أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم)
ولان قصة ميلادها لعيسي معجزة ربانية فمن الجدير بنا أن نتدبر قصتها من البداية .


 امرأة عمران تنذر ما في بطنها لبيت المقدس:-
امرأة عمران هي أم مريم وقد نذرت لله إن رزقها الله بولد أن تجعله في خدمة بيت المقدس ولكن حدث ما وقعها في حيرة 
قال الله تعالي (إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطن محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم ,, فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها انثي والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثي و إني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ,, فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا)
 ولقد بين لنا الحافظ بن كثير في تفسيره قصتها فيقول:

كان ابوها عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه وكانت أمها وهي "حنة بنت فاقود بن قبيل " من العابدات وكان زكريا نبي ذلك الزمان زوج أخت مريم" أشياع" في قول الجمهور وقيل زوج خالتها" أشياع "والله أعلم.
  وقد ذكر محمد بن اسحاق وغيره أن أم مريم كانت لا تنجب فرأت يوما طائرا يزق فرخا له فاشتهت الولد فنذرت لله ان حملت لتجعلن ولدها محرر اي حبيسا في بيت المقدس .

كفالة ذكريا لمريم عليهما السلام:-
عندما أصبح كفالة مريم من نصيب ذكريا عليهما السلام قام براعيتها ولما اشتد عودها اتخذ لها مكان شريفا من المسجد "محرابا" لا يدخله أحد غيره فكانت تعبد الله فيه وتقوم بما يجب عليها من سدانة البيت إذا جاءت نوبتها وتقوم بالعبادة ليلها ونهارها حتي صارت يضرب بها المثل بعبادتها في بني اسرائيل واشتهرت بما ظهر عليها من الأحوال الكريمة والصفات الشريفة 
وكان كلما دخل عليها نبي الله ذكريا موضع عبادتها يجد عندها رزقا غريبا في غير أوانه فكان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف فيسألها(أني لك هذا ) فتقول :(هو من عند الله ) أي رزق رزقينه الله (أن الله يرزق من يشاء بغير حساب).

مريم والبشري بعيسي عليهما السلام:-
كانت تجلس مريم في محرابها وتجد امامها رجلا في خلوتها لا تعرفه ويبشرها بغلام وهي العفيفة الطاهرة فهو موقف عجيب قد أثارها هذا حتي أدركت أنه ليس رجلا ولكنه ملك من ملائكة الله فكان منها التسليم والترحيب عندما علمت انه ملك وليس بشر.

ولقد أحسن صاحب الظلال في تفسير هذه القصة من خلال تفسير آيات القرآن الكريم 
حيث قال سيد قطب في الظلال:-

فهذا هو المشهد الاول -فتاة عذراء وقديسة وهبتها أمها وهي في بطنها لخدمة المعبد.
لا يعرف عنها أحد إلا الطهر والعفة ولا يعرف عن أسرتها إلا الطيبة والصلاح من قديم.
ها هي تخلو إلي نفسها لشأن من شئونها التي تقضي التواري من أهلها والاحتجاب عن أنظارهم... ولكن لا يحدد السياق القرآني ما هو هذا الشأن ,ربما لانه شأن خاص جدا من خصوصيات الفتاة.
وبينما وهي في خلوتها مطمئنة إلي انفرادها تفاجأ مفاجأة عنيفة فتنتفض انتفاضة العذراء المذعورة يفاجئها رجل في خلوتها,فتلجأ الي الله تستعيذ به وتستنجد وتستثير مشاعر التقوي في نفس الرجل,والخوف من الله والتحرج من رقابته في هذا المكان الخالي.
وهنا يتمثل الخيال تلك العذراء الطيبة البريئة ذات التربة الصالحة ,التي نشأت في وسط صالح ,وكفلها ذكريا بعد أن نذرت له جنينا وهذه هي الهزة الاولي التي تعرضت لها العذراء مريم عليها السلام.
قال لها الرسول :"أنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما ذكيا" وليتمثل الخيال مقدار الفزع والخجل .
وهذا الرجل السوي الذي لم تثق بعد بأنه رسول ربها فقد تكون حيلة فاتك يستغل طيبتها يصارحها بما يخدش سمع الفتاه الخجول .
ثم تدركها شجاعة الأنثي المهددة في عرضها ,فتسال في صراحة "كيف؟"
قالت:(أني يكون لي غلاما ,ولم يمسسني بشر, ولم اك بغيا؟)هكذا في صراحة وبالألفاظ المكشوفة .
فهي والرجل في خلوة والغرض من مباغتته لها قد صار مكشوفا.
فما تعرف هي بعد كيف يهب لها غلاما؟
فالحياء هنا لا يجدي ولا يفيد ,والصراحة أولي ...كيف؟
ويبدو من سؤالها أنها لم تكن تتصور حتي اللحظة وسيلة أخري لأن يهبها غلاما إلا الوسيلة المعهودة بين الذكر والانثي وهذا هو الطبيعي بحكم التصور البشري.
فهذا الأمر الخارق التي لا تتصور مريم وقوعه هين علي الله.
فأمام القدرة التي تقول للشئ كن فيكون كل شئ هين سواء جرت به السنة المعهودة أو جرت بغيره .
والرسول يخبرها بأن ربها يخبرها بأن هذا هين علي الله .
وانه أراد أن يجعل هذا الحادث العجيب آية للناس وعلامة علي وجوده وقدرته وحرية ارادته. 
وايضا رحمة  لبني إسرائيل أولا وللبشر جميعا ,بإبراز هذا الحادث الذي يقودهم الي معرفة الله وعبادته وابتغاء رضاه.
بذلك يكون انتهي الحوار بين الروح الامين وبين مريم العذراء ... ولا يذكر السياق القرآني ماذا كان بعد الحوار.


حمل وولادة العذراء مريم للمسيح عيسي عليهما السلام:-
تأتي اللحظة التي تتمناها كل امرأة وهي لحظة الولادة ورؤية صغيرها الذي ظل في رحمها تسعة أشهر تنتظر ان تحمله بين يديها لينسيها إرهاق الحمل وأوجاع الطلق ولكن مريم عليها السلام حالها كان مختلف لان ابنها لم يكن له أب ككل الشر من بعد آدم وحواء عليهما السلام فهو خلق بكلمة الله تعالي وليس تعرف بعد كيف يستقبلها الناس وهي تحمل صغيرها وهي العذراء الطاهرة ؟!
ورغم ادراكها لعظمة هذا الحمل وبركته وأن ابنها هذا معجزة ربانيه ورسول من رب العالمين إلا انها امام هذا الموقف ضعيفة وحائرة ,ولكن رحمة الله لم تفارقها أبدا فماذا حدث؟
فهي الآن في موقف اشد هولا من موقفها السابق مع الرسول في كانت تواجه الحصانة والتربية والاخلاق بينها وبين نفسها اما هنا فهي تواجه المجتمع بالفضيحة .
وتواجه الآلام الجسدية بجانب الآلام النفسية ,تواجه المخاض الذي جاءها إلي جذع نخلة واضطرها اضطرارا إلي الاستناد عليها ,وهي وحيدة فريدة تعاني حيرة العذراء في أول مخاض لها ولا علم لها بشئ ولا معين لها في شئ  فاننا لانكاد نري ملامحها ونحس باضطراب خواطرها ونلمس مواقع الألم فيها  وهي تتمني لو كانت "نسيا" اي تلك الخرقة التي تتخذ دم الحيض ثم تلقي بعد ذلك وتنسي!

وفي حدة الألم وغمرة الهول تقع المفاجأة الكبري وهي:

((فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا ,وهذي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا .فكلي واشرب وقري عنيا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فل أكلم اليوم انسيا)) .

يالله! طفل ولد اللحظة يناديها من تحتها يطمئن قلبها ويصلها بربها ويرشدها إلي طعامها وشرابها ويدلها علي حجتها وبرهانها 
ونحسبها قد دهشت طويلا وبهتت طويلا قبل ان تمد يدها الي جذع النخله تهزه ليساقط عليها رطبا جنيا ... ثم أفاقت فاطمأنت ان الله لا يتركها والي ان حجتها معاه..هذا الطفل الذي يبطق في المهد ..فيكشف عن الخارقه التي جاءت به اليها.

مواجهة العذراء مريم قومها وهي تحمل صغيرها عيسي عليهما السلام:-
إننا لنتصور الدهشة التي تعلو وجوه القوم _ويبدو انهم أهل بيتها الأقربون في نطاق محدود-وهو يرون ابنتهم الطاهرة العذراء الموهوبة للهيكل العبادة المنقطعة العبادة ..برونها تحمل طفلا!
قالوا:"يامريم لقد جئيت شيئا فريا .ياأخت هارون ما كان امرأ لسوء ,وماكانت امك بغيا" فكانت ألسنتهم لتنطلق بالتقريع والتأنيب .

تنفيذ مريم وصية الطفل العجيب التي لقناها إياها:-
"فأشارت إليه"
فماذا تقول في العجب والغيظ الذي ساورهم وهم يرون العذراء تواجههم بالطفل ,ثم تتبجح فتسخر ممن يستنكرون فعلتها فتصمت !وتشير لهم الي الطفل ليسألوه عن سرها 
قالوا :كيف نكلم من كان في المهد صبيا؟

ولكن ها هي الخارقة العجيبة تقع مرة أخري :

قال:(إني عبد الله ,أتاني الكتاب ,وجعلني نبيا ,وجعلني مباركا أينما كنت ,وأوصاني بالصلاة والذكاء ما دمت حيا ,وبرا بوالداتي ولم يجعلني جبارا شقيا ,والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا)

هكذا يعلن عيسي عليه السلام عيوديته لله.
فليس هو ابنه كما تدعي فرقة ,وليس هو إلها كما تدعي فرقة ,ويعلن ان الله جعله نبيا ,لا ولدا ولا شريكا ,وبارك فيه وأوصاه بالصلاة والزكاة مدة حياته ,والبر بوالدته والتواضع مع عشيرته .
فله إذن حياة محدودة ذات أمد وهو يموت ويبعث 
وقد قدر الله له السلام والطمأنينة يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا

وهكذا نتعلم من قصة العذراء مريم ان نرضي بقضاء الله وأمره مهما كان ونكون علي يقين بان ما كتبه وقدره الله لنا هو الخير لا محالة .
فعندما أخبر رسول الله  مريم بان الله أراد ان تحمل  بعيسي عليها السلام ظنت انها كارثه كبير وفضيحه لها 
ومع ذلك كانت هذه الكارثة من اعظم معجزات الله عز وجل 
فيجب علينا جميعا ان نتاكد ان لا أفضل لنا من قضاء الله وقدره .

هناك 4 تعليقات:

  1. Baraka laho laki fi hada waja3ala banat lmoslimin mohajabat mottaqiyat salihat.

    ردحذف
  2. Baraka laho laki fi 3amalik

    ردحذف
    الردود
    1. وفي حضرتك ان شاء الله واتمني ان حضرتك ديما تتابعنا وتعجبك ديما موضوعاتنا

      حذف